رجلان يراقبان الآلات الثقيلة لإزالة الأنقاض في منطقة مدمرة.
حسين الوصفي (يسار) ومحمد الغوطي (يمين) أثناء إزالة الأنقاض في الميدان في غزة.

تمهيد الطريق لتعافي غزة

تشهد الحرب في غزة مساحة انفراج: وقف إطلاق نار بعد عامين. لكن الشوارع لا تزال تحكي قصة مختلفة - مسدودة بالحطام ومثقلة بالخسارة. في الفترة من شباط/فبراير إلى آب/أغسطس، تدخل فريق مكون من خمسة متطوعين من الأمم المتحدة مع برنامج مساعدة الشعب الفلسطيني التابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي للعمل على أرض الواقع في غزة. وانضم إليهم 61 متطوعاً ومتطوعة عبر الإنترنت من 35 دولة، وكانوا جزءا من مشروع إدارة الأنقاض – كل حجرة رفعت كانت خطوة نحو تعافي غزة.

متطوع الأمم المتحدة مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، أحمد المدلل، موجود على الأرض في غزة. وهو مهندس يراقب توزيع الوقود للتأكد من استمرار تشغيل آليات إزالة الأنقاض وفتح الطرق أمام سيارات الإسعاف والمساعدات. بينما تقوم زميلته، ميساء العجرمي، وهي مهندسة معمارية، بجمع بيانات مفصلة من أربعة مشاريع لإزالة الأنقاض، وتوثق أحجام الأنقاض والآليات واستهلاك الوقود وأعداد القوى العاملة، وتقوم بعد ذلك بتحميلها على منصة معلومات المشروع.  محمد الغوطي، مهندس مدني، ينسق العمليات الميدانية مع دائرة الأمم المتحدة للإجراءات المتعلقة بالألغام ويقود جهود رسم خرائط المخاطر، واستكشاف حلول إعادة التدوير المستدامة.

إلى جانب العمل الذي يجري في الميدان، هناك قدر كبير من العمل الذي يجري خلف الشاشات من خلال المتطوعين عبر الإنترنت. وهذا هو المكان الذي لا تهم فيه حواجز الزمان والمكان

كيف ساهم هؤلاء المبتكرون؟ من كندا والبرازيل، استخدم روجر ويدمر وفيكتور ليتي الذكاء الاصطناعي وأنظمة المعلومات الجغرافية لإجراء تقييمات للأضرار وتقدير كميات الأنقاض باستخدام تقنيات الاستشعار عن بعد. استكشفت أنيتا لومباردو من إيطاليا وخلود البلوشي من الإمارات العربية المتحدة حلول إعادة تدوير قابلة للتطبيق لتوجيه استراتيجيات التعافي طويلة الأجل. وركز آخرون على التواصل مع المانحين: عززت ريسا ياماموتو من اليابان وشهم توما من تركيا إعداد التقارير عن النتائج، في حين ساعدت كوزماس روبيا من زيمبابوي وكاميلا تيموشويفا من روسيا في تحديد الجهات المانحة المحتملة بهدف تنمية الشراكات معهم لدعم جهود إعادة الإعمار مستقبلاً.

سمح المزج بين التطوع الميداني والرقمي لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي ببناء قواعد بيانات دقيقة ولوحات معلومات تفاعلية واستراتيجيات مستقبلية لا يمكن لأي فريق واحد أن ينتجها بمفرده

خريطة تظهر البلدان التي جاء منها المتطوعون ال 66 في الميدان وعبر الإنترنت. رجال ونساء تتراوح أعمارهم بين 21 و66 عاماً من 35 دولة عبر قارات العالم الست.
تظهر الخريطة البلدان التي جاء منها المتطوعون ال 66 في الميدان وعبر الإنترنت. رجال ونساء تتراوح أعمارهم بين 21 و66 عاماً من 35 دولة عبر قارات العالم الست.


التعافي لا يتعلق فقط بالمباني - بل يتعلق بالكرامة

جاءت مهمة إزالة الأنقاض في غزة مقترنة بالتحديات، وبالمعاناة النفسية كذلك. يتذكر متطوع الأمم المتحدة أحمد اللحظة التي اكتشف فيها بقايا بشرية تحت منزل منهار. يقول: "لقد كان تذكيراً صارخاً بالتكلفة البشرية للحرب". بالنسبة لميساء، جاءت اللحظة الأقوى عندما عادت العائلات على طول الطرق التي تم فتحها حديثاً. تتذكر قائلة: "كانوا ممتنين لمجرد الوصول إلى منازلهم مرة أخرى". قام محمد بتوجيه المتطوعين الشباب من حي مدمر. في البداية كانوا خجولين، لكن بمرور الوقت، امتلكوا زمام الأمور. قال له أحدهم: "أشعر أخيرا بأنني جزء من الحل".

كل يوم جلب تحديات جديدة. نفاد الوقود. تعطل الأدوات. عمل المتطوعون والمتطوعات في الميدان بدون مياه نظيفة أو رعاية طبية. فقد البعض منازلهم. لكنهم استمروا في المضي قدماً - تشاركوا القليل الذي كان لديهم، واعتمدوا على بعضهم البعض، وأوجدوا طرقاً مبتكرة للمضي قدماً.

عندما نفد الدواء، استخدم المتطوعون العلاجات التقليدية. عندما واجهوا نقصاً في الإمدادات، حولوا الأنقاض إلى لبنات بناء. وكما قال محمد: كل خريطة نرسمها، وكل مبنى نقوم بتقييمه، وكل متطوع نوجهه يساهم في التعافي والأمل

النتائج

أسفرت الجهود المشتركة التي بذلها متطوعو ومتطوعات الأمم المتحدة في الميدان وعبر الإنترنت عن نتائج ملموسة: خطة عمل قوية، وتقديرات دقيقة للأنقاض، ولوحات معلومات تفاعلية، وتقارير واضحة للمانحين. وقد أعطى ذلك برنامج الأمم المتحدة الإنمائي الأدوات اللازمة للعمل بشكل أسرع، والحفاظ على الشفافية، والتفكير بشكل خلاق. بحسب محمد مزيد، كبير الأخصائيين الفنيين لإدارة الأنقاض في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، فإن مساهمات الفريق تجاوزت بكثير الدعم الروتيني.

قدم متطوعو الأمم المتحدة في الميدان صورة واقعية آنية ودعموا التنسيق الميداني، بينما ساهم المتطوعون عبر الإنترنت بمهارات متخصصة ورؤى جديدة من مختلف المناطق الزمنية. معاً، عززوا جودة ودقة وتوقيت عملنا بطرق لم يكن بإمكان أي من الفريقين تحقيقها بمفرده

من شوارع غزة إلى 35 دولة، تكاتف المتطوعون معاً لمساعدة المجتمعات المحلية على النهوض من تحت الأنقاض مطلقين رسالة جماعية: الحدود لا تحد من التضامن، وحتى في الأزمات، يمكن للإبداع والعمل الجماعي أن يساعدا في جهود التعافي. مع وقف إطلاق النار الآن، فإن إزالة الأنقاض أكثر من مجرد عملية تنظيف - إنها خطوة أولى نحو إعادة بناء الحياة.

________________________________________
لمزيد من المعلومات حول مهام متطوعي الأمم المتحدة والمتطوعين عبر الإنترنت، انقر هنا. لقراءة قصصنا، انقر هنا